أصبح طموح العديد من مبدعي الشباب اليوم هو احتراف العمل الحر (freelance)، أو البدء بتأسيس شركات ريادية خاصة بهم. فسوق العمل الذي أصبح متشبعاً بالوظائف التقليدية، دفع العديد من مبدعي الشباب للبحث عن العمل في السوق التقنية البديلة، والتي دائما ماتستحدث العديد من الوظائف والاختصاصات التقنية وغيرها. والتي يمكن للشباب العمل بها وتطوير أنظمتها وكذلك التوسع بداخلها. ومع انتشار ثقافة الشركات الريادية وأن يمتلك الشباب مشروعاتهم الصغيرة بدعم وتوجيه من الحكومات والمستثمرين يتجه العديد من محترفي العمل الحر الآن إلى دخول عالم ريادة الأعمال.
فريادة الأعمال والعمل الحر يسيران جنبا إلى جنب في طور النمو داخل سوق العمل. حيث تعد ريادة الأعمال هي الخطوة التطورية التالية لأي مستقل، فالخبرة التي يكتسبها أصحاب العمل الحر من خلال العمل مع العديد من الشركات الناشئة التي تعتمد على المستقلين بشكل كلي، خاصة في مرحلة بدء التشغيل الأولية والإطلاق أشبه بمدرسة تعليمية لريادة الأعمال، والتي تؤهل المستقل أن يصبح رائد أعمال فيما بعد. فبالنسبة لرواد الأعمال يشكل المستقلون حجر الأساس، في تخفيض نفقات التشغيل وتأسيس البنية التحتية للشركات الرائدة لذلك لا غنى عنهم.
ومع التطور الرقمي المستمر اليوم أصبح بإمكان العديد من أصحاب العمل المستقل، التحول نحو ريادة الأعمال لتلبية احتياجات السوق المتزايدة حول العديد من الوظائف التقنية، فهم يمتلكون من المقومات الأساسية ما يكفي لبدء أولى الخطوات، وفي هذا المقال سوف نناقش ونوضح لك عزيزي المستقل كيف تسلك طريق ريادة الأعمال من خلال عدة خطوات رئيسية.
كيف تنتقل من العمل الحر إلى ريادة الأعمال؟
كما ذكرنا سابقاً أن العمل الحر هو الخطوة الأولى في تأسيس الكثير من الناس لعملهم الخاص لاحقا، فمن خلاله تكتسب خبرة كيفية تسويق مهاراتك والعثور على العملاء والعمل وفقًا لشروطك الخاصة. وبمرور الوقت عندما تصبح أكثر خبرة في هذا المجال، يمكنك الانتقال إلى المرحلة التالية، وذلك من خلال 7 خطوات رئيسية:
التركيز على أبحاث السوق
في الوقت الحالي بإمكانك تأسيس عملك في أي مكان وأي مجال إن كنت تمتلك الخبرة والمهارة الكافية، سواء من خلال تواجدك على أرض الواقع أو تأسيس عملا إلكترونيا. كل ما عليك فعله هو البدء بإجراء أبحاث السوق، وتتبع الاتجاهات الحالية للعملاء المحتملين لديك، فلا يكفي أن تتبع شغفك وتفعل ما تحب فقط؛ بل يجب عليك البحث والبدء بتقديم خدمة يحتاجها الناس، فالقاعدة الأهم في قانون العرض والطلب “إذا كنت تقدم خدمة والناس ليسوا على استعداد لإنفاق الأموال عليها فلن تصمد في مجال الأعمال التجارية لفترة طويلة .”
يمكنك استغلال خبرتك في سوق العمل الحر وتواجدك مع شرائح مختلفة من رواد الأعمال وأصحاب العمل، وتحليل سلوكياتهم وطرقهم في ابتكار الخدمات المطلوبة لدى شرائح كبيرة من جمهور العملاء المحتملين، أو حتى طلب الاستشارات من عملائك السابقين.
ركز على المنتجات ذات القيمة الفعالة
إن معايير الشراء الأساسية التي قد تدفع العملاء للشراء من علامتك التجارية، عوضا عن العلامات الأخرى الأكثر شهرة، تتمثل في أهمية القيمة التي ستضيفها منتجاتك لتحسين حياة المستهلك! تذكر أثناء انشغالك بالعمل الحر وسعي العملاء الدائم نحو تحقيق الاستفادة القصوى، أن تتأكد من القيمة التي ستضيفها للعمل وماذا ستحقق من خلاله. الأمر مشابه في هذه المرحلة ولكن عليك تقمص شخصية المشتري والبائع في نفس الوقت، فإن أفضل طريقة لتصنيع منتج خاص بك أو تقديم خدمة تنافسية ذات قيمة عالية أن تنظر لها بعين المشتري!
لا تتوقف عن العمل كمستقل
بالنسبة لبعض الأشخاص فإن ترك وظيفتهم الحالية أو التوقف عن العمل الحر للتركيز فقط على فكرة مشروعهم الريادي الجديد يمكن أن يضيف قدرًا إضافيًّا من التحفيز والتركيز، ولكن بالنسبة للغالبية العظمى فإن قطع مصادر دخلك على الفور ليس خطوة ذكية. فرائد الأعمال الذكي يسعى دائما للإدارة المالية الذكية وتنويع مصادر دخله واستدامتها.
فمن الجيد الاستمرار في العمل المستقل لفترة قصيرة، أثناء قيامك ببناء المرحلة التالية من عملك- ما لم يكن لديك مصدر تمويل منتظم يأتي من مكان آخر (على سبيل المثال، قناة على YouTube).
يمكنك الاستمرار بالعمل الحر إلى جانب التخطيط لمشروعك والاستفادة من مواهبك كمستقل في عملك الجديد على سبيل المثال: يمكنك أن تتعلم كيف تصبح كاتبًا أفضل لتسويق منتجك الخاص لاحقًا. كما يمكن أن يساعدك الاستمرار في العمل الحر أثناء بناء عملك التالي، على إعادة استثمار المزيد من الأموال لتحسين منتجاتك وخدماتك.
الإدارة المالية مفتاح نجاحك كرائد أعمال
ما سر نجاح العديد من الشركات الناشئة وانتقالها من رأس تمويل بسيط إلى قائمة الشركات أحادية القرن؟ الإدارة المالية الحكيمة! فأهم مايميز رائد الأعمال هي الخطط المالية المدروسة، ومعرفة أين تذهب الأموال! وفي بداية تحولك لرائد أعمال عليك العمل على التدقيق الحسابي وحساب عامل المخاطرة وقلة الأرباح في بداية إنطلاق المشروع. حيث سيتعين عليك دفع تكاليف التشغيل والموظفين لضمان استمرارية العمل، ولذلك من الضروري أن يكون لديك سندات مالية جيدة بما يكفي للتعامل مع الفترات الصعبة في بداية المشروع والتي تقدر بحوالي 6-12 شهرًا إن لم يكن أكثر.
يمكنك فتح حسابًا تجارِيا منفصلاً والقيام بتخصيص مبلغ محدد كل شهر كعائد مالي لرواتب الموظفين، وادخار أي فائض نقدي ثم نقله مباشرة إلى حسابك حتى عندما تربح أموالاً إضافية.
كما يجب عليك أيضًا التأكد من أن لديك ميزانية واضحة ومحددة، وأن تفهم إلى أين تذهب كل أموالك. حتى لا تتعثر وتضمن استمرارية الإنتاجية فالعديد من الشركات الناشئة الواعدة قد تنهار مع الوقت بسبب سوء توظيف الموارد المالية.
الهوية الرقمية وشبكة العلاقات
لتحقيق النجاح في أي صناعة يجب أن يكون لديك هوية رقمية قوية تعبر عنك وعن عملك، وتشمل الهوية الرقمية حساباتك على منصات التواصل الاجتماعي والمحتوى الذي تقدمه عن شركتك الناشئة، وكيف تجذب المتابعين لك، إلى جانب ضرورة وجود شبكة علاقات قوية مع خبراء ريادة الأعمال والمديرين والمبدعين كذلك، فكل ذلك سيدعم عملك ويزيد وثوقية العملاء بك ويفتح لك فرص استثمارية جديدة.
ولعل أسهل مكان للبدء منه هو موقع لينكد إن الذي يعتبر أكبر منصة توظيفية تسويقية ستمكنك من الترويج لعملك مباشرة مع أصحاب رؤوس الأموال، ومعرفة ما إذا كان يمكنك تقديم عروض عمل خاصة بخدماتك ومنتجاتك. وهناك طريقة أخرى ترويجية فعالة وهي عن طريق حضور الفعاليات والمؤتمرات الخاصة بريادة الأعمال ومستقبلها ومشاركة بطاقة العمل الخاصة بك، والتي تقام باستمرار في دولة الإمارات العربية المتحدة ويمكنك معرفة المواعيد المخصصة من خلال هذا الرابط.
اسثتمر وقتك في التعليم المستمر
حتى لو كان لديك سنوات من الخبرة في العمل الحر، أن تصبح رائد أعمال أمر صعب بالنسبة لكثير من الناس. ولحسن الحظ فإن آلاف المصادر التعليمية الرقمية حول ريادة الأعمال وكل ما يتعلق بها أصبحت متاحة وبالمجان عبر مختلف المنصات حيث يمكنك العثور على مجموعة كاملة من الموارد المجانية للمساعدة في زيادة معرفتك (قنوات البودكاست عن ريادة الأعمال، كورسات ريادة الأعمال عبر منصة linda، المدونات والمنشورات على منصة لينكد أن). ففي المراحل الأولى من عملك الجديد، من الضروري استيعاب أكبر قدر من الحكمة من الآخرين والتعلم من أخطائهم وخبراتهم. ويمكنك القيام بذلك من خلال تخصيص بعض الوقت كل يوم، لتعلم مهارات جديدة وتدوين النصائح التي ستساعدك في مساعيك. فرائد الأعمال الناجح هو شخص مرن دائم الإطلاع والتعلم.
مهارة اتخاذ القرارات
التحول من العمل الحر إلى ريادة الأعمال أمر قد يبدو شاقا في البداية. ولكنك ربما فكرت في الأمر نفسه، عند تركك الوظيفة الروتينية لتصبح صاحب عمل مستقل لحسابك الخاص في المقام الأول، وقد نجح ذلك بالفعل! في جميع مراحلك الانتقالية وعندما يتعلق الأمر بالعمل، عليك البدء بتنفيذ القرارات في الأوقات المناسب فما فائدة إذا كنت تقوم بكل التخطيط في العالم دون اتخاذ قرارات حاسمة وتنفيذية!. ولتسهيل الأمر عليك في البداية قسّم مهامك إلى أجزاء صغيرة الحجم وقم بمعالجتها واحدة تلو الأخرى؛ وتذكر إذا أجلت قرارات اليوم ستزداد الأمور تعقيدا في الغد، عليك فقط البدء ثم ستجد الانتقال إلى عالم ريادة الأعمال أمرا سهلا ولن ترغب في التوقف عن التخطيط والتنفيذ!
قد يكون الانتقال من العمل الحر إلى ريادة الأعمال أمرًا مخيفًا لك في البداية، ولكن سيتلاشى ذلك بمجرد خوضك التجربة! وستصبح متحمسا أكثر نحو اتخاذ خطوات صغيرة كل يوم والتعلم قدر ما تستطيع؛ وبمرور الوقت ستكون قد أنشأت منتجًا ذا قيمة فعلية، قد يصبح علامة فارقة في السوق التجارية، ونصيحة خطوات الدائمة لكم هي أن النجاح يقف على بعد خطوة منك! كل ما عليك هو دراسة الأمر جيدا والبدء.
يمكنك أيضا قراءة المزيد لدينا عن: أفكار مشاريع ناجحة تتحدى الركود الحالي!
