إن الوقت المناسب لبدء مشروعك الخاص هو اليوم، وأفضل وقتا كان البارحة” شيء من هذا القبيل. ومع ذلك في حالة الاقتصاد والأزمات المالية الحالية، لست متحمساً لإتباع هذه نصيحة. أليس من المنطقي الانتظار حتى تتحسن الأمور قليلاً وينفق الناس أكثر مما يدخرون لبدء عمل تجاري قائم على المبيعات؟. تقول توني كولمان براون، مؤسسة Network for Women in Business: “ليست كل الأفكار المعروضة للعمل عليها فريدة، ولا تُمنح العديد من الفرص لشخص واحد فقط”. “الشخص الذي يتخذ قراراً جاداً بشأن تأسيس عمله الخاص هو من يفوز في النهاية. لذلك بمجرد أن تحصل على فكرة مشروعك الخاص، يجب أن تعمل على أساسها”.
وعليه فإن التفكير في بدء مشروعك الخاص في وقتنا الحالي ليس بالأمر السهل، بينما يتطلب الأمر الحاجة إلى اتخاذ القرار الأولي بشأن الخدمة أو المنتج الذي ستقدمه، ومن هو جمهورك المستهدف، وهل الوقت مناسب للإطلاق، والعديد من الأمور الأخرى التي يجب أن تصمم لها خطة عمل متكاملة. قد يجرفك الحماس لبدء عملك التجاري نتيجة حديث الجميع في الوقت الحالي عن إنشاء المشروع الخاص بهم، ولكن هل فكرت كمْ عدد الأشخاص الذين يعرفون حقا ما يلزم لبدء عمل تجاري وإدارته وتنميته؟ وهل هو الوقت المناسب في حياتهم للبدء؟ في هذا المقال سنوضح لك بعض الخطوات والاعتبارات المهمة لتحديد ما إذا كان الوقت مناسبًا لتنفيذ مشروعك التجاري أم الانتظار قليلاً.
البحث عن جمهورك المستهدف وتحديد قاعدة العملاء المحتملين
وراء كل فكرة تجارية عظيمة جمهور مستهدف تريد أن تخدمه، جمهورك المستهدف من الأشخاص والعملاء الذين يحتاجون لمنتجك أو خدماتك هما المحرك الرئيسي لنجاح العمل الخاص بك، في دراسة حديثة نشرها موقع Failory عن المحتوى الذي يركز على عمليات بدء التشغيل للشركات الناشئة، أن بمعدل 90٪ من الشركات الناشئة تفشل، وأحد الأسباب الرئيسية المذكورة هو أن المنتج لم يكن مناسبًا للسوق المختارة.
- لمعرفة ما إذا كان هناك سوق ذات رواج جيد وتنافسية معقولة لمشروعك الخاص الجديد، فإن إجراء أبحاث السوق أمر بالغ الأهمية. فوفقًا لمنظمة إدارة الأعمال الصغيرة (SBA)، إن مفاتيح اكتشاف نقاط قوتك ومميزات البيع والتنافس الخاصة بك، وتحديد السوق المستهدفة تكمن في:
- إجراء أبحاث السوق، مثل جمع البيانات الديموغرافية عن العمر وعدد السكان و درجة الثراء
- تحليل سلوك المستهلك والاتجاهات الاقتصادية الحالية والمستقبلية
- أثناء قيامك بتطوير فكرة عملك، قم بعمل تحليل دوري لجمهورك المستهدف، حيث سيسهل ذلك عليك فهم كيف يمكنك حل مشاكلهم وتلبية احتياجاتهم. وتعد أحد الطرق الفعالة للعثور على جمهورك المستهدف هي من خلال مجموعات Facebook الإعلانية.
اختبر النموذج الأولي لمنتجات مشروعك الخاص في السوق المستهدفة
إذا كانت لديك فكرة عمل ولكنك غير متأكد من أنها ستنجح، فإن أفضل طريقة لمعرفة ذلك هو اختبار المنتج الأولي وإمكانية تفاعل العملاء معها داخل السوق المستهدفة.
ومن أشهر دراسات الحالات الناجحة عن اختبار النموذج الأولي، هي قصة موقع التخزين السحابي الأشهر dropbox وقصة خدعة التسويق التي غيرت كل شيء! حيث يحتل Dropbox قائمة الأمثلة نموذجية للحد الأدنى من المنتجات القابلة للتطبيق. وتوضيح أن أثر تطبيق الإستراتيجية الصحيحة للوصول إلى الجمهور لا تقل أهمية عن تطوير المنتج نفسه
كيف بدأت القصة؟
ولدت فكرة Dropbox من التجربة الشخصية درو هيوستن، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للشركة، حيث قد سئم من الضغط المستمر في عملية نقل الملفات بين الأجهزة المختلفة والاضطرار إلى إرسال عشرات رسائل البريد الإلكتروني يومياً، واستنارت الفكرة بوضوح في عقله، في اليوم الذي نسي فيه محرك الأقراص المحمول الخاص به في المنزل مرة أخرى، وهو اليوم الذي تمت فيه كتابة الأسطر الأولى من كود Dropbox.
لقد كانت مهمة التنفيذ الفني صعبة للغاية منذ البداية، حيث تطلب التنفيذ الكامل العمل على بناء بنية أساسية فعليه للأجهزة، وتطبيق التكامل مع مختلف منصات الكمبيوتر والأجهزة المحمولة (iOS و Android)، وما إلى ذلك بشكل عام، إلى جانب تسلل الإحباط لعقل درو واحتمالية فكرة عدم رغبة العملاء في شراء منتج قد يستغرق تطويره شهورا.
ومن هنا لمعت فكرة العثور على شريك ومشاركة قصة نجاح تسويقي ضخم، عندما قرر درو هيوستن التقدم بطلب إلى Y Combinator، للعثور علي مؤسس مشارك للدخول إلى أحد المسرعات. ويحكي درو أن الأمر كان معقداً وسريعا أشبه بالزواج بعد الموعد الأول أو الثاني “.
وقد نالت الفكرة تقدير الشريك وتواصل معه بعد مشاهدة العرض التوضيحي ل دروب بوكس، وبعد محادثة لمدة ساعتين أصبح جزءًا من الفريق.
لاحقاً لاحظ مايكل موريتز رئيس مجلس إدارة شركة سكويا كابيتال، فريق عمل دروب بوكس خلال عملهم مع المسرع، وحصلوا على 1.2 مليون دولار لمزيد من التطوير وفي غضون عام أطلقوا المنتج علنًا وذلك عندما حدثت إحدى أبرز اللحظات في تاريخ Dropbox، ابتكر فريق دروب بوكس طريقة جديدة لجذب المستخدمين الجدد، حيث أنشأت الشركة بعض مقاطع الفيديو التجريبية القصيرة، بدلاً من الحديث عن بعض الجوانب التقنية العميقة ل Dropbox أو المقارنة مع المنافسين، فقد أظهروا بعض حالات الاستخدام الحقيقية، وكانت مقاطع الفيديو قصيرة وغنية بالمعلومات وذات رؤية مختلفة، وانتشرت مقاطع الفيديو بسرعة كبيرة، وجلبت مئات الآلاف من العملاء الجدد إلى الخدمة.
إلى جانب عروض الفيديو الدعائية قدمت دروب بوكس أيضًا برنامجا مرجعيا دقيقا اتضح أنه أكثر نجاحًا حتى من الفيديوهات الدعائية. حيث عرض Dropbox مساحة إضافية مجانية إذا قمت بدعوة صديق لك ولشخص قام بالتسجيل بعد اتباع الرابط، أدى ذلك إلى إطلاق موجة جديدة من الأسهم سريعة الانتشار، مما أدى إلى الحفاظ على معدل نمو الشركة عضويًا تمامًا وعاليًا ومجانيًا مما أدى في النهاية إلى تحويل Dropbox إلى منتج وشركة كما نعرفها الآن.
لعل أحد أهم الدروس المستفادة من تجربة صعود دروب بوكس، إن أحد أهم التحديات التي تواجه الشركات الناشئة ليس فقط إنشاء منتج جيد، ولكن أيضًا ابتكار القناة المناسبة للترويج له بين العملاء المحتملين. وفي هذا الشأن قامت Dropbox بعمل جيد للغاية.
المنتج الجيد دون عرض ترويجي هو منتج سيء ، يجب أن يكون اكتساب العملاء الأوائل هو نتاج عملية طبيعية لبدء التشغيل الجيد. إذا قمت بتطوير منتج لحل مشكلة معينة، فأنت تعلم أن المشكلة موجودة. وإذا كنت تعلم أن المشكلة موجودة، فعليك أيضًا أن تعرف الأشخاص الذين يعانون منها وكيف تصل إليهم.
ومع ذلك فإن الوصول إلى جمهور أوسع يتطلب عادة بعض الجهد الإضافي. لا تمتلك الشركات الناشئة الصغيرة عادةً ما يكفي من الموارد لاستثمارها في الإعلان. علاوة على ذلك يحظى المحتوى الفيروسي بتقدير كبير دائمًا نظرًا لأن تأثيره الترويجي أعلى بكثير من تكاليف الإنشاء، إذا كل ما عليك فعله هو معرفة كيف تذهب للعميل الذي بدوره سيأتي إليك بعميل آخر كما فعلت دروب بوكس.
الوقت والطاقة والموارد
إذا كنت مستعدًا لبدء مشروعك الخاص، فستحتاج لتكريس الوقت، والطاقة لتجاوز الأوقات الصعبة، وتوافر الموارد المالية، وشبكة العلاقات التي ستدعم مساعيك.
- الوقت والطاقة
- على الرغم من أنك قد تكون متحمسا لبدء عملك التجاري الخاص، إلا أن الوقت عامل حاسم تحتاج إلى مراعاته خاصة فيما يتعلق بحياتك المنزلية والمهنية. إذا كانت لديك مهنة متطلبة فإن بدء عمل تجاري يتطلب نفس بذل الجهد والوقت قد يؤدي إلى إنهاكك سريعًا، يجب أن تؤمن بقيمة فكرتك وتضع في اعتبارك كيف يمكنك تحقيق رؤيتك بطريقة أكثر منطقية.
- أما إذا كان جدولك الزمني محدودًا بسبب المسؤوليات الأخرى، فضع جدولًا عمليًا وفعالًا لإدارة عملك، سيساعدك هذا على الشعور بالحافز للبقاء في العمل مع إدارة عملياتك بشكل فعال.
- فكما يقال (عند بدء الأعمال الجديدة فإن الصبر مهم)، “هناك مواسم من الحياة ومواسم في العمل. وبسبب الحياة أو الظروف قد يتعين عليك تعديل أو تقديم خدمات أقل، لكن هذا لا يعني أنك تتوقف عن استثمار الوقت بمشروعك.
- الموارد المالية
- كيف تخطط لتمويل عملك الجديد؟ بالنسبة للعديد من رواد الأعمال، فإن بدء عمل تجاري يعني إنشاء ميزانية للهيكل القانوني وتكاليف التشغيل والتسويق والإمدادات وكجزء من إدارة عملك عليك حساب النفقات المتكررة.
- ويعتمد مبلغ المال الذي تحتاجه لإدارة عملك بشكل كبير على نوع العملية التي تقوم بتأسيسها. فعلى سبيل المثال رائد الأعمال الذي يبدأ عمله من خلال مدونة إلكترونية سيكون له نفقات قليلة جدًا مقارنة مع أي شخص يبدأ نشاطًا تجاريًا يتطلب واجهة متجر أو الكثير من المعدات فسيحتاج إلى خطة عمل وائتمان جيد لتمويل فكرته.
الأسئلة المالية الهامة
- عند التفكير فيما إذا كان الآن هو الوقت المناسب لبدء عملك التجاري، اسأل نفسك هذه الأسئلة المالية المهمة:
- كمْ من المال قمت بحفظه لتمويل عملك؟
- كيف يبدو رصيدك، وهل سيساعدك أو يعيقك عن بدء عملك؟
- إذا لم يكن رصيدك جيدًا، فماذا عليك أن تفعل لبناء ائتمانك حتى تكون مستعدًا لبدء نشاطك التجاري؟
- ما هو رأس مال بدء التشغيل الذي تحتاجه لتمويل عملك؟
- ما هي نفقات عملك؟
- كيف سيساعد إطلاق هذا العمل أو يضر بأموالك الشخصية (خاصة إذا تركت وظيفتك لبدء هذا العمل)؟
دعم شبكة العلاقات
إن القدرة على التواصل الفعال مع الآخرين- من خلال القنوات الاجتماعية مثل LinkedIn والمنظمات المهنية ذات الصلة بالصناعة، تعد أمرا بالغ الأهمية لبدء عملك التجاري، قبل بدء عملك التجاري عليك التحدث مع مستشار أعمال لمساعدتك على اتخاذ قرار حكيم، وأن تطلع لريادة الأعمال كرحلة ستخوضها، ومفتاح النجاح خلالها هو التواصل مع الأشخاص المناسبين حول احتمالية عقد الشراكات المناسبة والتي ستدفعك إلى المستوى التالي.
خطة العمل المناسبة
مهما كان مجال مشروعك الخاص، فإن أفضل طريقة لبدء عمل تجاري هي من خلال تطوير خطة عمل قوية واستراتيجية وأن تكون واقعيًا في قدرتك على تنفيذها والحفاظ عليها. حيث تتطلب إدارة الأعمال التجارية تفانيًا وفهمًا للجمهور المستهدف، والتوقعات الاقتصادية للصناعة، والحفاظ على قدراتك المالية الخاصة. يمكن لخطة عمل قوية، كاملة مع تحليلك التنافسي والسوق، أن تعزز رؤيتك- وتساعد في تحويل فكرتك إلى واقع في أي وقت يناسبك.
الآن وقد وصلت لنهاية هذين المقال فإن أفضل توقيت لبدء عملك الخاص هو التوقيت الذي يتوافق مع رؤيتك وتخطيطك العملي، واتباع شغفك وحدسك حول مشروعك الجديد.
يمكنك أيضاً قراءة المزيد عن: ما هي المناطق الحرة، ولماذا يجب أن تفكر بتأسيس شركتك الناشئة هناك؟
