تعلّم

تفشل الشركات الريادية

جدول المحتويات

أثارت العديد من الشركات الريادية الجدل مؤخرا حول مدى نجاح عملية تمويل بعض الشركات الناشئة رغم التمويل الضئيل، وفشل الأخرى رغم التمويل الضخم والذي قدر بملايين الدولارات! الأمر الذي تكرر في خلال أقل من ثلاثة أشهر مع شركتين من كبرى الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط. ولعل فكرة أن التمويل وحده لا يكفي أصبحت ترسخ وجودها يوماً بعد يوم وخاصة مع تقلب الأوضاع الاقتصادية المستمرة، وأزمات التضخم والركود وآثار الحرب وما بعد الجائحة والتي كان لها أثر واضح في عالم ريادة الأعمال وفي السوق العالمي بشكل واضح.

لماذا إذا قد تفشل الشركات الناجحة ذات التمويل الضخم ما بين ليلة وضحاها؟ نحن نعرف ما قد يدور بداخلك من فضول فالتحليل المبدئي لأسباب انهيار الشركات الناشئة قد يبدو غير واضحاً حتى الآن، ولكننا في هذا المقال سنحاول شرح وتحليل ما هي الأسباب الرئيسية لفشل الشركات الريادية، وكيف قد تخدعك صورة النجاح الزائفة!

ولعل الطريقة التي تدار بها منظومة الإدارة الريادية، هي كلمة السر وراء الفشل! وتعد منظومة الإدارة في منطقة الشرق الأوسط مازالت حديثة العهد في تطوير ودعم الشركات الريادية، فبعض السياسات التي اتبعها المستثمرون في فترة الإنهيار الاقتصادي الأخير وما بعد الجائحة، وإجبار الشركات الرائدة على اعتماد نظرية (growth at all cost) وأن النمو يمثل كل شيء، قد شكل ضغطاً رهيباً على رواد الأعمال صغار السن والشركات التي تحاول أن تواكب سياسات الأرباح تحت أي ثمن ولم تستقر على نموذج نمائي محدد ومستدام بعد.

يمكننا كذلك إضافة عنصر آخر كقلة الخبرة العملية وعدم تواجد الدعم الكافي والتوجيه الاستشاري من الممولين، فعلى الرغم من ذكاء العديد من رواد الأعمال الحاد، وتواجد الشغف للعمل والإنجاز، إلا أن ذلك لا يدعنا نتناسى حداثة السن وعامل الخبرة الاقتصادية، وكذلك الضجة الإعلامية المثارة حول رواد الأعمال بأنهم الخارقون الجدد في عالم الإدارة والريادة، كل ذلك كان سبباً للتداعي التدريجي داخل أنظمة إدارة العديد من الشركات الناشئة، والتي أدت إلى مقدمات الانهيار ثم الإغلاق التام كما شهدنا، ففي عالم الأعمال لا يوجد شيئاً ينهار من تلقاء نفسه أو دون أسباب واضحة.

وإلى الآن مازال التحليل الاستقصائي لأسباب انهيار الشركات الريادية يناقش أهم الأسباب ومحاولة تجنبها، وخاصة مع عدم استقرار الاقتصاد العالمي حالياً. وفي هذا المقال سنبدأ بتعداد الأسباب الأكثر شيوعاً وتأثيراً في عدم نجاح الشركات الناشئة.

الإدارة التنفيذية غير الاحترافية في الشركات الريادية

  • لعل من أهم الأسباب التي ذكرناها سابقاً من ضمن العوامل الرئيسية لانهيار الشركات الناشئة، هي نقص عنصر الخبرة الإدارية والذي يؤدي بالتالي إلى قصور في إدارة الجانب التشغيلي. حيث يفشل رائد الأعمال في إدارة الهيكل التنفيذي للشركة، وبالتالي يحدث عدم توازن وإخفاقات فالأمر أشبه بالماكينة التي تفقد تروسها ومسامير التحكم الخاصة بها.
  • فعلى سبيل المثال كثير من رواد الأعمال لا يدمجون أنفسهم في نظام إدارة العمل، ويتركون ذلك للآخرين حيث يركزون على الصورة الأكبر للإدارة التنفيذية. وعلى الرغم من أننا لا ندعو إلى ضرورة قيام جميع رواد الأعمال بإدارة أعمالهم بشكل كلي، إلا أن قدرًا من المشاركة في التشغيل اليومي أمر ضروري وحاسم بالفعل.
  • وهذا يعني أن صاحب المشروع ملزم بأن يتولى العمل الإداري خاصة في السنوات التكوينية أو السنة الأولى كحد أدنى لضمان سلاسة العمل، والحرص على سهولة ترجمة الأفكار إلى منتج فعلي. ففي كثير من الأحيان لا يهتم العديد من رواد الأعمال بالانخراط والمشاركة في أشياء مثل جداول العمل، والموارد البشرية، والشؤون المالية اليومية، فينتهي بهم الأمر بدفع ثمن هذا الإهمال.

الوصول إلى ذروة النجاح مبكراً جداً أو متأخراً جداً

  • سبب آخر لفشل العديد من رواد الأعمال هو أن مشاريعهم غالبا ما تبلغ ذروتها مبكرا جدا أو متأخرا جدا، مما يؤدي إلى فقدان التدرج الطبيعي في منحنى الأداء، والذي يتكون من مزيج ريادي من التفكير والحضانة والتنفيذ.
  • فعلى سبيل المثال يمتلك بعض رواد الأعمال أفكارا رائعة ومتجددة لاقتحام سوق العمل بها، ولكنهم يصلون إلى الذروة مبكراً جداً مما يعني أنهم يخطئون في قراءة الإشارات الواردة من السوق، ويؤدي هذا غالبا إلى الإرهاق خاصةً عند الحاجة إلى التجديد وتوليد الإبداع الريادي.
  • ومن ناحية أخرى يصل بعض رواد الأعمال إلى الذروة بعد فوات الأوان مما يعني أنهم يخطئون في تقدير التوقيت الذي يتعين فيه طرح منتجاتهم أو الحلول في السوق. في كلتا الحالتين فإن الأمر الأساسي هنا هو التأكد من أن الوقت من التفكير إلى طرحه في السوق مناسب تماما.

الهيكل التوظيفي الغير مناسب

واحدة أيضا من أهم الأسباب الرئيسية التي تداولها البعض حول فشل الشركات الريادية، هي إدارة الموارد البشرية غير المهنية أو المحترفة، فعادة ما يفشل رواد الأعمال فيما يتعلق بالتوظيف المناسب، حيث لا يقوم رواد الأعمال في كثير من الأحيان بتزويد مشاريعهم بالموارد البشرية المناسبة وغالبا ما يفشلون في الحصول على الموارد المطلوبة عند انطلاق المشروع. وفي هذه الأيام تحتاج المشاريع إلى موارد بشرية كافية وذات خبرة، عند البدء وحتى مرحلة الإطلاق والترويج. ومن ناحية أخرى فإن وجود الكثير من الموارد يمثل أيضا عبئا على المشروع حيث تكلف الموارد المال والوقت للحفاظ عليها. 

وعلاوة على ذلك فإن امتلاك الموارد البشرية المناسبة لم يعد يسيراً، لأن تكلفة تعيين أصحاب الخبرات الواسعة تكون باهظة الثمن، أو أن الموظفون  لا يريدون المخاطرة بالعمل لدى شركة ناشئة. فقد ولت الأيام القوية لازدهار عملية التوظيف في الشركات الرائدة، ففي الوقت الحاضر لا يرغب العديد من الموظفين في المخاطرة بمستقبلهم من خلال الانضمام إلى شركة ناشئة مستقبلها غير مؤكد.

أزمات السيولة النقدية وجفاف السيولة لدى الشركات الريادية

  • حين نتحدث عن البيانات المالية أو إدارة التدفقات النقدية، فإن هذا الجانب يتعلق بحقيقة أن معظم رواد الأعمال يفشلون في توقع الأزمة النقدية التي تنشأ من عدم التوازن بين الحسابات الدائنة والذمم المدينة، وهو ما حدث مع الشركة الريادية المصرية مؤخرا مسبباً لها أزمة الإغلاق الأخيرة.
  • وغالبا ما تكون ميزانية المشاريع الجديدة تعتمد على أن الإيرادات ستظهر في المستقبل، وهذا يعني أنه ما لم تتحقق الإيرادات فإن المشروع سينفد من النقد بسرعة.
  • وعلاوة على ذلك فإن التمويل من أصحاب رؤوس الأموال المجازفة قد يتوقف فجأة مما يؤدي إلى مشاكل في السيولة.
  • وعلى الرغم من أن بعض أصحاب المشاريع قد يلجؤون إلى تأجيل المستحقات اللازم دفعها على أمل السداد مستقبلاً، فإنه لا يمكنهم إقناع معظم الدائنين بذلك، حيث لا يتواجد ضمان للموردين والموظفين والبائعين أن صاحب المشروع سوف يفي بالالتزامات.

مشاكل التمويل

تحتاج المشاريع والشركات الناشئة الجديدة إلى التمويل في جميع مراحل دورة حياتها، وبالتالي يتعين على رائد الأعمال التأكد من أن أصحاب رؤوس الأموال والمؤسسات المالية يدعمونه منذ البداية ويواصلون مساعدتهم طوال عملية النمو الاستثماري.
ما يحدث هو أنه في كثير من الأحيان يفشل رواد الأعمال في المفاوضات للحصول على التمويل المستدام، لأن الفكرة التي تبدو جيدة قد تفشل في البداية في توليد الإيرادات أو الأعمال التجارية مما يؤدي إلى تراجع تمويل أصحاب رؤوس الأموال المجازفة وتراجعهم عن المشروع. وبجانب هذا فإن بعض الشركات الناشئة ومؤسسيها لا يتوقعون مقدار التدفق النقدي المستمر اللازم، للحفاظ على المشروع قائماً وهذا ما يؤدي إلى الإغلاق والإفلاس المفاجئ.

وعلى الرغم من أننا حاولنا ذكر أكثر الأسباب شيوعا حول فشل العديد من الشركات الريادية، إلا أنه ما زال من المؤكد وجود العديد من الأسباب الأخرى والتي قد تظهر فيما بعد، فكل شركة ناشئة هي تجربة فريدة في حد ذاتها منذ إطلاقها وحتى آخر المستجدات المتعلقة بها.

يمكنك أيضا قراءة المزيد لدينا عن: الشركات الناشئة تحصد 387 مليونا أغسطس الماضي! والإمارات تتصدر

خطوات بزنس

خطوات بزنس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جدول المحتويات

أحدث ما كُتب